رحلة مع القدر

موضوع: رحلة مع القدر الجمعة أبريل 30, 2010 2:11 pm

هز سكون الليل و أيقض الناس من مضاجعهم صوت الآذان , للشيخ الوقور: أحمد عبد القادر وهو ينادي لصلاة الفجر ... الصلاة خير من النوم ... الصلاة خير من النوم , حيث هب أهالي القرية .. شيوخ , وشباب , وأطفال يجيبوا الداعي تقودهم كشافاتهم المضيئة التي تبدد إلى حد الخطوات عتمة الظلام , يلتقون في الطرقات وهم يحيون بعضهم بالإشارة تارة وبالمصافحة تارة أخرى وبابتسامة القلوب قبل الشفاه ليستعدوا لاستقبال يوم جديد بمتاعبه وأعماله الشاقة في قرية شمال الحديدة المدينة الغارقة بدموع الحيارى .. فهناك الرجال والنساء والأطفال يعملون بلا كلل لتوفير لقمة العيش الضرورية , فالإنسان هو الإنسان في أغنى دول العالم وأفقرها مصحوب بالمنغصات والأحزان فسبحان القائل: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ) مستمدين طاقاتهم المعنوية من شيخهم الوقور الذي يعمل على دراجته النارية بتوصيل الركاب من قرية إلى قرية أو إلى السوق أو إلى أي مكان آخر ... وهو يأخذ أقل القليل راضياً وشاكراً لأنعم ربه , فقد وهبه الله إيمان عميق وقناعة تفوق الوصف فقد تعلموا منه الكثير وأحاطوه بالحب الكبير فهو الأب والأخ والمثل الأعلى .. وفي نهاية الأسبوع أستقل دراجته النارية متوجهاً إلى المدينة التي يسكنها الضجر والضجيج والأصوات المرتفعة فهو موعد السوق حيث يبتاع الناس ويشترون عاد الشيخ الوقور وهو يلتفت يمنة ويسرة لعل أحد أن يستوقفه للركوب معه ولكنه كان على موعدٍ مع القدر .. فقد دهسته شاحنة ودفعت به لأمتار متباعدة حيث راح في غيبوبة نقل على إثرها إلى المستشفى وبترت ساقاه وانتشر الخبر كالصاعقة المدوية حيث هب رجال القرية بأفواج مزدحمة وكأنهم جيش عرمرم .. يكتسح المستحيل فاق الشيخ أحمد عبد القادر من غيبوبته متعجباً من الإنارة الساطعة ! ونظافة الحيطان ومن الأسرة البيضاء , ومن أهالي القرية المزدحمون في كل الجهات تساءل متعجباً ما هذا؟ هل تحول السوق إلى فندق وسيع يضم أهالي القرية ؟! رد أخاه بكلمات تختنق نبراتها بالدموع: احتسب يا أحمد . ما الذي حصل يا علي ؟

أنت في المستشفى وقد بترت ساقاك وكسرت يدك .

خالد النهيدي

تمتم الشيخ الصابر المحتسب بكلمات خرجت من فيه .. كفلق الصبح .. الحمد لله قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا , الجم الصمت كل الحضور واختنقت العبرات بالدموع .. ورحلت النسور تزف أخبار الشيخ أحمد عبد القادر .